responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 470
قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أُمُّ الْقُرْآنِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ» [1] .
فَهَذَا نَصٌّ فِي أَنَّ الْفَاتِحَةَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَلَكِنْ لَا يُنَافِي وَصْفَ غيرها من السبع الطوال بِذَلِكَ، لِمَا فِيهَا مِنْ هَذِهِ الصِّفَةِ كَمَا لَا يُنَافِي وَصْفَ الْقُرْآنِ بِكَمَالِهِ بِذَلِكَ أَيْضًا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتاباً مُتَشابِهاً مَثانِيَ [الزُّمَرِ: 23] فَهُوَ مَثَانِي مِنْ وَجْهٍ وَمُتَشَابِهٌ مِنْ وَجْهٍ، وَهُوَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ أيضا، كما أنه عليه الصلاة والسلام لَمَّا سُئِلَ عَنِ الْمَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى، فَأَشَارَ إِلَى مَسْجِدِهِ، وَالْآيَةُ نَزَلَتْ فِي مَسْجِدِ قُبَاءٍ، فَلَا تَنَافِيَ، فَإِنَّ ذِكْرَ الشَّيْءِ لَا يَنْفِي ذِكْرَ مَا عَدَاهُ إِذَا اشْتَرَكَا فِي تِلْكَ الصِّفَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ: لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ أَيِ اسْتَغْنَ بِمَا آتَاكَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ عَمَّا هُمْ فِيهِ مِنَ الْمَتَاعِ وَالزَّهْرَةِ الْفَانِيَةِ، وَمِنْ هَاهُنَا ذَهَبَ ابْنُ عُيَيْنَةَ إِلَى تَفْسِيرِ الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يَتَغَنَّ بِالْقُرْآنِ» [2] إِلَى أَنَّهُ يُسْتَغْنَى بِهِ عَمَّا عَدَاهُ، وَهُوَ تَفْسِيرٌ صَحِيحٌ وَلَكِنْ لَيْسَ هُوَ الْمَقْصُودُ مِنَ الْحَدِيثِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ التَّفْسِيرِ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ: ذُكِرَ عَنْ وَكِيعِ بْنِ الْجَرَّاحِ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ عُبَيْدَةَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قُسَيْطٍ، عَنْ أَبِي رَافِعٍ صَاحِبِ النَّبِيِّ صَلَّى الله عليه وسلم قال: ضاف النبي صلى الله عليه وسلم ضيف وَلَمْ يَكُنْ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْءٌ يُصْلِحُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى رَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ «يَقُولُ لَكَ مُحَمَّدٌ رَسُولَ اللَّهِ: أَسْلِفْنِي دَقِيقًا إِلَى هِلَالِ رَجَبٍ» قَالَ: لَا، إِلَّا بِرَهْنٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرْتُهُ، فَقَالَ: «أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَأَمِينُ مَنْ فِي الْأَرْضِ، وَلَئِنْ أَسْلَفَنِي أَوْ بَاعَنِي لِأُؤَدِّيَنَّ إِلَيْهِ» فَلَمَّا خَرَجْتُ من عنده نزلت هذه الآية لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا إِلَى آخَرِ الآية، كأنه يعزيه عن الدنيا، قال الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ لَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ قال: نهى الرجل أن يتمنى ما لصاحبه. وَقَالَ مُجَاهِدٌ إِلى مَا مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ هم الأغنياء.

[سورة الحجر (15) : الآيات 89 الى 93]
وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ (89) كَما أَنْزَلْنا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ (90) الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ (91) فَوَ رَبِّكَ لَنَسْئَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كانُوا يَعْمَلُونَ (93)
يَأْمُرُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِلنَّاسِ: إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ الْبَيِّنُ النِّذَارَةِ، نَذِيرٌ لِلنَّاسِ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ أَنْ يَحِلَّ بِهِمْ عَلَى تَكْذِيبِهِ كَمَا حَلَّ بِمَنْ تَقَدَّمَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ لِرُسُلِهَا، وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ الْعَذَابِ وَالِانْتِقَامِ. وَقَوْلُهُ: الْمُقْتَسِمِينَ أَيِ الْمُتَحَالِفِينَ، أَيْ تَحَالَفُوا على مخالفة الأنبياء وتكذيبهم وأذاهم، كقوله تَعَالَى إِخْبَارًا عَنْ قَوْمِ صَالِحٍ أَنَّهُمْ قالُوا تَقاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ وَأَهْلَهُ [النمل: 49] الآية، أي نقتلهم ليلا، قال مجاهد: تقاسموا وتحالفوا

[1] أخرجه البخاري في تفسير سورة 15، باب 3، وأبو داود في الوتر باب 15.
[2] أخرجه البخاري في التوحيد باب 44، وأبو داود في الوتر باب 20، والدارمي في الصلاة باب 171، وفضائل القرآن باب 34، وأحمد في المسند 1/ 172، 175، 179.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 4  صفحه : 470
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست